728 x 90

مقال بعنوان: سوريا بعد سنوات الجحيم، بقلم الأستاذ الجيل حمدان.

سوريا بعد سنوات الجحيم

الجيلي حمدان

لم تغب عن ذاكرة الشعب السوري العظيم (مجزرة حماة) التي راح ضحيتها ما يزيد على 40.000 من المدنيين العزل كواحدة من أكبر المجازر في تاريخ البشرية؛ كما لم تغب عن ذاكرته تلك التصفيات الجسدية الممنهجة التي سبقت المجزرة لعقدين سابقين؛ والتي قادها نظام حافظ الأسد بكل بشاعة؛ لإلجام شعبه وكبح جماح الثورة فيه وتكبيله وتقييده، ومن ثم تطويعه وتركعيه وفق ما يريد.

وقد جرت أحداث تلك (المجزرة) البشعة بحسب روايات تاريخية موثقة بحصار دام أسابيع، استخدم النظام خلالها كل أساليب الترهيب والاستبداد، ومن ثم عزل المدينة تماما عن محيطها الجغرافي، وقطع الماء والكهرباء والاتصالات عنها، بل منعت حتى الحركة فيها؛ لتبدأ الحملة العسكرية التي قادها شقيق الأسد “رفعت” بنفسه ومع خيوط الفجر الأولى دوت المدفعية الثقيلة وانهالت حمم الجحيم على رؤوس المدنيين.

استخدم النظام الدبابات والطائرات والقناصة فدكت أحياء كاملة بمن فيها، ثم اجتياح بري تمت خلاله الإعدامات في الطرقات. وحملت شهادات الناجين من تلك المجزرة تفاصيل مروعة حول عمليات القتل الجماعي الذي استهدف عائلات داخل منازلها، قتلا وذبحا بل تقطيعا للأعضاء والتنكيل بالجرحى، وبقر بطون النساء الحوامل وقتل الأجنّة بداخلها.

ووثقت الشهادات التاريخية المتناقلة لناجيات من جحيم الاغتصاب والانتهاكات الجسدية ما يشيب له الولدان؛ كأبشع جريمة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية الحديث.

ومن أبشع ما وثق شهادة إحدى العاملات في المشفى الوطني حيث قالت إنها التقت بامرأة حديثة الولادة؛ أخبرتهم أن عناصر الأمن حين داهموا منزلها أخذوا طفلها الوليد حديثا، وأمسكوه من بين رجليه ثم شدوه بقوة وقتلوه عن طريق تمزيق أعضائه جراء الشد، إضافة إلى أنها تحدثت عن بقر بطون حوامل وحالات اغتصاب للفتيات والنساء بل حتى العجائز، كما روت أنها رأت بعينيها حين خرج طبيبان من المستشفى؛ لمحاورة الرئيس حافظ الأسد، وكان أحدهما طبيب العظام “عبد القادر قندقجي” والآخر طبيب العيون “عمر الشيشكلي” ثم أعادوهما مقتولين، طبيب العظام كسروا عظامه كلها وقتلوه، وطبيب العيون قتل برصاصتين في عينيه؛ كما ذكرت أن عناصر الأمن في حي الأميرية أخرجوا الشباب من البيوت، وطلبوا منهم الاستلقاء على الأرض، ثم جعلوا الدبابة تسير فوقهم.

لتنطوي وتغيب بعد سنوات غابرات صفحات الأب الساحل الجزار القاتل لشعبه (الأسد) لكن لم تغب عن ذاكرة العقل الجمعي السوري فظائع حماة وما جرى فيها..  نعم لم تغب عن عقله تلك الفظائع التي ارتكبت وأنهر الدم التي سالت.

ويجيء الابن بعده يجرجر أذيال الخيبة والعار ويسير على ذات الطريق، وبذات النهج والنسق، بل أشد ضراوة من أبيه مستخدماً كل أدوات القمع لشعبه؛ ويذهب لأكثر من ذلك حيث استخدم الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا  في قتل مئات الآلاف، وتشريد الملايين من أبناء الشعب السوري العظيم من أجل المحافظة على عرشه المتهاوي.

ولم يكتف بذلك كله؛ بل قام بتمكين القوى الإقليمية والدولية في محاولة يائسة منه لتحويل سوريا لساحة حرب عالمية ومسرح أحداث مستعر؛ فجاءت إيران ومن خلفها الحلف “الصهيوأمريكي” وتم توزيع الأدوار بدقة وعناية بين هيمنة عسكرية إيرانية، وأخرى روسية، وثالثة أمريكية، وجاء بالعملاء من كل فج؛ لتستبيح أرض الشام ظنا منه أن تلك القوى الدولية “مانعته” مما هو آتٍ إليه في فجرِ ثورةِ الشعب الذي نهض من حطام (حماة) الأبية.

نعم..  لم تستطع إيران بكل ميليشياتها وأذرعها وأياديها من تركيع الشعب السوري وحماية عرش بشار؛ بل لم تستطع حتى أمريكيا وروسيا بكل صولجانها وقوتها وبراميلها المتفجرة حمايتَه؛ فأمر الله كان نافذا؛ ليهرب ذليلاً صاغراً تلاحقه لعنات الملايين من شعبه لتشرق في سوريا شمس الحق والحقيقة والثورة العظيمة، وتعود من جديد وتتعافى من سنوات الجحيم.

 

إقرأ أيضًا

أحداث ومناشط قادمة

الأحدث

الأعلى مشاهدة

من معرض الصور