مركز الشيخ علي الغرياني للكتاب؛ أربعةٌ أعوامٍ من نشر العلم المعرفة
لم نلتق يوماً بالغزالي الذي قال فيه صاحب: (الأعلام) “خير الدين الزِّرِكْلي” أن له نحو من مائتي مصنف؛ كما أننا لم نلتق بابن رشد، والعسقلاني، أوالسهروردي، ولا بابن حيان، ولا النووي وابن المقفع والطبري.. نعم لم نلتق بشار بن برد، ولسان الدين الخطيب، وابن الفارض، والجاحظ، والمعري، وابن طفيل، وابن بطوطة، وابن ماجد، وابن خلدون، وثابت بن قرة أول من توصل لحساب طول السنة الشمسية التي حددها ب 365 يوما و6 ساعات و9 دقائق و12 ثواني لم نلتقهم يوماً في حياتنا لأنهم سبقونا زماناً ومكاناً وبأجيالٍ وأجيال.
لكننا التقيناهم يوم أن لامست أيدينا ووقعت أعيننا على ما كتبوه ودونوه من علم ومعرفة؛ عرفنا الكواكبي يوم أن قرأنا له (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) وعرفنا المتنبئ أعظم شاعرٍ في التاريخ حين قرأنا له أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنى سَرجُ سابِحٍ وَخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كِتابُ.
وعندما نقرأ في كتاب الله عز وجل نجد أن أول آية نزلت من كتاب الله على نبيه الرسول الأكرم محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام كانت قوله تعالى﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ ﴾سورة [العلق] فالقراءة هي الرسالة السماوية خالدة أبد الدهر وهي ركيزة من ركائز بناء الأمم ونهضتها وتطورها.
وعندما نقلب صفحات التاريخ نجد مكتبة أن (دار الحكمة) التي أنشأها الخليفة العباسي “المأمون” الذي امتد حكمه من العام 218 – 198 هـ كأول مكتبة علمية في التاريخ الإسلامي وأول منارة اهتدى اليها فطاحلة الشعراء، والعلماء، كالكندي والخوارزمي؛ ونجد مكتبة المدرسة المستنصرية التي ضمت بين جنباتها، كتبا لم يجتمع مثلها في مكان؛ ومكتبة الإسكندرية القديمة، التي أسسها المستنصر بالله في قصر الزهراء وخزانة الكتب للعزيز بالله في عهد الفاطميين بالقاهرة التي ضمت نحو ثلاثين نسخة من كتاب (العين) للفراهيدي ومكتبة دار العلم وغيرهما من دور العلم والمعرفة لتساهم وتشكل معالم الحضارة الإسلامية في العلوم والمعارف؛ وامتدادا لذلك الإرث العظيم الذي حظيت به الأمة الإسلامية، في تاريخها القديم والحديث .
وقبل أربعة أعوام؛ حظيت دولة ليبيا بإنشاء صرح مماثل، من صروح العلم؛ ليكون منارة من منارات العلم ألا وهو “مركز الشيخ علي الغرياني للكتاب” الذي جاء ميلاده في 28 من نوفمبر للعام 2020 كمركز ثقافي، ووعاء بحثي، وصرح علمي متكامل.
المركز يسهم بصورة كبيرة ومباشرة في نشر الوعي، وترشيد الفكر لكافة أفراد المجتمع، ويهتم بكل ما يخدم البحاث والكتاب، وطلاب العلم، والأساتذة والمتخصصين، ورواد القراءة، بأحدث النظم التكنولوجية والمعلوماتية حيث بدأ مسيرته في مطلع العام 2020 بعدد لا يزيد عن 6000 عنوان من أمهات الكتب لكنه اليوم وبعد أربع سنوات وبفضل جهود القائمين عليه وصل العدد لما يزيد على (43142) في شتي ضروب العلم والمعرفة.
الاحتفال بالذكرى أمّه جمع غفيرٌ من المشايخ والعلماء وأساتذة ومدراء الجامعات والمراكز والبحثية، وطلاب العلم، والمهتمين، في لوحة؛ ربما تعيد للأمة مجدها في (الكتاب) والمكتبات.